سرطان المبيض يُعتبر من السرطانات "المعقدة" لأنه غالبًا ما يكون من الصعب تشخيصه. يتطور في مراحله المبكرة دون ظهور أعراض، مما يجعل الاكتشاف المبكر صعبًا. ورغم كونه أقل شيوعًا من بعض أنواع السرطان الأخرى، إلا أنه من أكثرها خطورة بسبب بدايته الصامتة، التي تؤدي عادةً إلى تشخيص متأخر. عند هذه المرحلة، تصبح خيارات العلاج محدودة، وفرص الشفاء منخفضة للغاية. ولهذا السبب، يُعد سرطان المبيض مرضًا خطيرًا يستدعي اهتمامًا خاصًا وزيادة الوعي.
تشخيص الأعراض: تحدٍ كبير
غالبًا ما تكون أعراض سرطان المبيض غير موجودة أو خفيفة جدًا في المراحل المبكرة، مما يجعل التشخيص المبكر صعبًا للغاية. العلامات التي قد تلاحظها المرأة غالبًا ما يتم الخلط بينها وبين حالات أخرى غير خطيرة، مما يجعل هذا السرطان غير ظاهر لفترة طويلة. تشمل الأعراض الشائعة:
- ألم أو انتفاخ في البطن أو الحوض.
- فقدان أو زيادة الوزن دون سبب واضح.
- تغيرات في عادات التبول، مثل كثرة التبول.
- الشعور المستمر بالإرهاق دون تفسير.
- مشكلات هضمية مثل الغثيان.
من المهم ملاحظة أن هذه الأعراض غالبًا ما تكون غير محددة، ويمكن الخلط بينها وبين اضطرابات هضمية أو آثار الدورة الشهرية، مما يؤدي إلى تأخير التشخيص حتى يكون المرض قد تقدم بشكل كبير.
لماذا يتم تشخيص سرطان المبيض في مرحلة متأخرة؟
عدم توفر اختبارات فحص فعالة يمثل أحد أكبر التحديات في مواجهة سرطان المبيض. على عكس سرطان الثدي الذي له طرق فحص واضحة مثل التصوير الشعاعي للثدي، لا يوجد اختبار قياسي للكشف المبكر عن سرطان المبيض.
إضافةً إلى ذلك، يؤدي نقص الوعي حول أعراض المرض إلى تشخيصه المتأخر. نظرًا لتشابه الأعراض مع حالات أخرى أقل خطورة، قد لا تفكر النساء أو حتى بعض مقدمي الرعاية الصحية في هذا السرطان. وبالتالي، عندما يتم اكتشافه، يكون قد وصل بالفعل إلى مرحلة متقدمة، مما يقلل من فعالية العلاجات.
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 20٪ فقط من حالات سرطان المبيض يتم تشخيصها في المراحل المبكرة، مما يجعله أحد الأسباب الرئيسية لوفيات السرطان بين النساء.
عوامل الخطر: من الأكثر عرضة للإصابة؟
يمكن أن يُصاب أي شخص بسرطان المبيض، ولكن هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة، مثل:
- العمر: يظهر سرطان المبيض بشكل أساسي لدى النساء بعد سن اليأس، وخاصة فوق سن 50 عامًا، لكنه قد يصيب الأصغر سنًا في حالات نادرة.
- التاريخ العائلي: يزيد وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان المبيض أو الثدي من احتمالية الإصابة، خاصةً إذا كان هناك أقارب مقربون مصابون.
- الطفرات الجينية: تزيد الطفرات في جينات BRCA1 و BRCA2 من خطر الإصابة بسرطان المبيض، إلى جانب بعض التشوهات الجينية الأخرى.
- مشكلات الخصوبة: قد يزيد تاريخ المشكلات المتعلقة بالخصوبة أو عدم الإنجاب من فرص الإصابة بسرطان المبيض.
- العلاج بالهرمونات البديلة: الاستخدام طويل الأمد للعلاج الهرموني البديل قد يرتبط بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان المبيض.
يُساعد الوعي بهذه العوامل النساء على مراقبة صحتهن واللجوء إلى الطبيب عند ملاحظة أي أعراض غير طبيعية.
الفحص والتشخيص المبكر
لا يوجد اختبار فحص معتمد على نطاق واسع للكشف المبكر عن سرطان المبيض، لكن هناك بعض الفحوصات التي يمكن أن تساعد في التشخيص، ومنها:
- التصوير بالموجات فوق الصوتية للحوض: يُستخدم لفحص المبايض واكتشاف أي تشوهات، لكنه ليس محددًا لسرطان المبيض.
- فحص الدم CA-125: يقيس مستوى بروتين CA-125 في الدم، وهو بروتين يُفرز من خلايا سرطان المبيض، لكن هذا الفحص غير دقيق تمامًا لأنه قد يكون مرتفعًا أيضًا في حالات حميدة مثل التهاب بطانة الرحم.
- الفحوصات التصويرية: مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب، والتي تساعد في تقييم المبيضين وأجزاء أخرى من الجسم.
لكن لا يُعتبر أي من هذه الفحوصات دقيقًا بشكل كامل، لذا فإن التشخيص المبكر يعتمد بشكل كبير على وعي النساء والأطباء بالأعراض.
خيارات علاج سرطان المبيض
يعتمد علاج سرطان المبيض على مرحلة المرض وعمر المريضة وحالتها الصحية العامة. وتشمل العلاجات الأساسية:
- الجراحة: تُعد الخيار الأول لإزالة الورم، وتشمل استئصال المبيضين وقناتي فالوب وأحيانًا الرحم. في الحالات المتقدمة، تهدف الجراحة إلى تقليل الحمل السرطاني قدر الإمكان.
- العلاج الكيميائي: يُستخدم بعد الجراحة للقضاء على الخلايا السرطانية المتبقية. كما يمكن اللجوء إليه في الحالات التي يكون فيها السرطان متقدمًا جدًا بحيث لا يمكن استئصاله جراحيًا.
- العلاجات المستهدفة والمناعية: تشمل أدوية تستهدف الخلايا السرطانية بشكل مباشر أو تعزز استجابة الجهاز المناعي ضد السرطان، وهي استراتيجيات حديثة واعدة.
- العلاج الإشعاعي: يُستخدم في بعض الحالات لمعالجة انتشار المرض أو لتخفيف الأعراض، لكنه أقل شيوعًا لعلاج سرطان المبيض.
ترتبط معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل كبير بمرحلة اكتشاف السرطان، حيث تكون الفرص أعلى بكثير في المراحل المبكرة.
هل يمكن الوقاية من سرطان المبيض؟ ما هي الاستراتيجيات الفعالة؟
رغم عدم وجود وسيلة مؤكدة للوقاية، يمكن اتخاذ بعض التدابير لتقليل خطر الإصابة:
- اتباع نمط حياة صحي: يساعد النظام الغذائي المتوازن، والحفاظ على وزن صحي، وممارسة الرياضة بانتظام في تقليل خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان المبيض.
- استخدام حبوب منع الحمل: تشير بعض الدراسات إلى أن الاستخدام طويل الأمد لحبوب منع الحمل قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان المبيض.
- الفحوصات الدورية: يُنصح النساء الأكثر عرضة للخطر، خاصة اللواتي لديهن تاريخ عائلي أو طفرات جينية، بإجراء فحوصات طبية دورية. في بعض الحالات عالية الخطورة، قد تلجأ بعض النساء إلى إزالة المبايض كإجراء وقائي.
يُعد سرطان المبيض مرضًا خطيرًا ولكنه يمكن السيطرة عليه إذا تم اكتشافه مبكرًا. من خلال زيادة الوعي وجعل النساء أكثر يقظة تجاه الأعراض المحتملة، يمكن تقليل المخاطر وإنقاذ الأرواح. المفتاح يكمن في المراقبة المستمرة، الفحوصات الطبية المنتظمة، والاستشارة الطبية الفورية عند ظهور أي علامات مشبوهة.
الخلاصة
يُتيح الكشف المبكر والعلاجات الحديثة فرصًا كبيرة للتعافي، مما يساعد في الحد من تأثير هذا المرض على حياة النساء.